حقيقة الجن وسبيل التحصن من الشياطين
حقيقة الجن وسبيل التحصن من الشياطين
أ.د محمد عجاج الخطيب
عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة
أولاً: تعريف الجن:
الجن اسم جنس لعالم آخر, والجني واحد الجان والجن.
وإذا كان الجن ممن يساكن الناس, قالوا: عامر, جمع عمار، وإذا كان مما يعرض للصبيان، قالوا: أرواح.
والخبيث من الجن هو الشيطان, والأشد خبثاً مارد. ومن اشتد أمره من المردة: عفريت, وجمعه عفاريت [1].
ثانياً: أصناف الجن:
والجن ثلاثة أصناف كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صنف يطير في الهواء, وصنف حيات وكلاب, وصنف يحلون ويظعنون ) [2].
ثالثاً: وجود الجن:
وردت آيات قرآنية كثيرة في الجن، وسميت السورة الثانية والسبعون من كتاب الله تعالى باسمهم: " سورة الجن ".
وأجمعت الأمة على أن عالم الجن موجود, كما أجمعوا على الاستعاذة بالله العظيم من شرورهم, ومن يعرف عجائب خلق الله عز وجل وعظمته وقدرته لن يستغرب وجود عالم الجن غير المرئي, ووجود عالم الإنس المرئي, فكلاهما من مخلوقات الله تعالى العقلاء.
وكان لبعض القدامى اعتقادات عجيبة في الجن؛ حتى إن بعضهم جعل الجن شركاء لله عز وجل, فأبطل القرآن هذا كله؛ فقال عز من قائل: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ]الصافات158[.
رابعاً: خلق الجن:
والجن مخلوقون من نار, قال الله عز وجل: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ]الرحمن:15 [, وقال سبحانه: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ{26} وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ ] الحجر : 26 – 27 [. فأصل خلق الجان من نار لا دخان لها, كما أن أصل خلق الإنسان من طين.
خامساً:صفات الجن:
والجان يتناكحون ويتناسلون, قال عز من قائل: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ]الكهف : 50 [,
والجان عقلاء؛ لذلك كلفهم رب العالمين في قوله: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون( ]الذاريات : 56 [, ومنهم المؤمنون الصالحون، ومنهم العصاة, قال تعالى : وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً ]الجن:11[.
ولا يملك الجن للبشر ضراً ولا نفعاً, ولا يعلمون الغيب, قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
] الجن:26-27[.
وفي سورة الجن بيّن سبحانه كيف أن بعض القدامى كانوا : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً ]الجن:6[, وأنهم كانوا يحاولون استراق السمع للاطلاع على الغيب, فحال الله بينهم وبين ذلك فقال: فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ]الجن:9[, وقد حسمت قصة سليمان مع الجن هذا الموضوع كما قال سبحانه وتعالى: فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ]سبأ:14[[3].
وهم أجسام غير مرئية لا نراهم؛ سواء كان ذلك لضعف في أبصار البشر, أم لكونهم أجساماً رقيقة, ولم يرد نص في هذا؛ لذا يقول الإمام الشافعي: [ من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته؛ لقول الله تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ]الأعراف27[ , إلا أن يكون نبياً ]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر ) [4].
وقد ثبت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى بالجن وأرى أصحابه آثارهم,وكانوا من جن الجزيرة)[5].
(كما التقى بجن نصيبين وأثنى عليهم قال: نعم الجن ) [6], فإذا كان الإنسان لا يراهم لسبب ما فإن بعض المخلوقات تراهم, فقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: ( إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله تعالى من فضله, فإنها رأت ملكاً, وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً ) [7].
ولا غرابة في هذا؛ فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية, والبوم يرى الفأر في ظلمة الليل.
ويرى بعض أهل العلم أن الشياطين قادرة على التمثيل والتصور وفعل ما يتوهم انتقالها من حال لحال أو من صورة إلى صورة, فيظن الراؤون أن ذلك شيطان من باب التخيل لا الحقيقة. والأصل أنه لا يستطيع أحد أن يتغير عن صورته التي خلقه الله عليها, وقد ورد الأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم, أن من رأى مثل هذا فليؤذن.
وهناك خلاف في دخول الجن بدن المصروع, وعدم دخوله, ولم يرد في هذا خبر صحيح. والمصروع يتكلم, ويعتقد بعضهم أنه كلام الجن ويضيفونه إليه, وليس هناك دليل قاطع على أن ما سمع من المصروع كلام له أو للشيطان, ولا يمكن أن نقطع بأحدهما إلا بدليل.
وأميل إلى أن الشيطان يؤثر على من مسه, فيوجهه إلى قول أو فعل؛ لأن أكثر من يصرعون يكونون في غيبوبة, وبعد أن يصحوا أحدهم لا يذكر شيئاً مما حصل له.
ولكل إنسان قرين من الجن, فقد أخرج الإمام مسلم وأحمد وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عند عائشة ليلاً, قالت: فغرت عليه, فقال: مالك يا عائشة أغرت؟ فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفأخذك شيطانك؟ قالت: فقلت يا رسول الله: أو معي شيطان؟ قال: نعم ومع كل إنسان, قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم ولكن ربي عز وجل أعانني عليه حتى أسلم ) .
والجن يأكلون ويشربون ويتناكحون ويتناسلون, قال عز من قائل: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ]الرحمن74 [ [8].
وأما هل يكون زواج بين الجن والإنس؟ فالمسألة خلافية, ولا يفيد الخوض فيها. وقد يقع عدوان من شيطان على إنسية, وأما الزواج فالراجح أنه لا يمكن بدلالة قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ]الروم:21[.
والجن يموتون, قال عزمن قائل : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ]الرحمن:26[[9].
والشيطان يمثل في الأرض الشر والفساد, فإبليس أبو الشياطين وأصلهم, والشياطين مردة الجن, وقد أمر إبليس بالسجود لآدم فأبى, قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ]الكهف50ً[.
ونرى في عدم سجود إبليس وعداوته لبني آدم, تحذيراً للإنسان من سلوك سبيله, وإتباع وسوسته وأوامره, وقد حذر الله تعالى بني آدم منه فقال سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ]فاطر6 [.
ويقول عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ]البقرة:168-169[.
إن ما يزينه الشيطان لابن آدم أو يدعوه إليه مفتاح باب الضلال والهلاك, الذي يفضي به إلى معصية الله تعالى, والخروج من طاعته, وإن تحذير الله عباده من اتباعه, من أوسع أبواب الخير الذي يجنب ابن آدم الضياع والهلاك, وما من شك أن معرفة العدو, تجنب المرء الوقوع في شراك مكره وخداعه, وتقيه من أن يقع فريسة أو غنيمة باردة له.
وما أبعد دلالات سورة الناس التي ختم الله تعالى بها كتابه الكريم, وما أعظم ما يحصن المرء بها نفسه، إذا أدرك بعد مراميها وأسرارها.
فالصراع قائم بين الإنسان والشيطان, وقد بيّن العلامة المحدث الشبلي, من علماء الحنفية, مهمة الشيطان ورسالته, أو المراتب التي يدعو إليها الشيطان, وهي ست:
· مرتبة الكفر ومعاداة الله ورسوله, إذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه.
· مرتبة البدعة، وهي أحب إليه من المعاصي والفسوق.
· الكبائر.
· الصغائر، وهي إذا اجتمعت أهلكت صاحبها.
· انشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها.
· أن يشغله بالعمل المفضول عمل هو أفضل منه.
وهذه مسالك أنواع الصراع بين الحق والباطل, والخير والشر, الشر الذي دعا إليه إبليس ومن بعده, من شياطين الإنس والجن, ومع كل هذا فان سلاح الشيطان ضعيف, وسيوفه مفلولة مدقومة النصال, أمام قوة الإيمان وسيوفه المسلولة. قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ]النساء:76[.
فلا سلطان له على المؤمنين, قال عز من قائل: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ]النحل:98-100[ .
وقال سبحانه وتعالى مخاطباً إبليس: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ]الحجر42[.
وقال عز من قائل: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(]الأعراف179 [.
لذا لابد للمؤمن من الثبات على إيمانه, بمزيد الصلة برب العالمين, والتقرب إليه ودوام مراقبته وذكره.
ونلخص المنهج الإسلامي للوقاية من شرور الشيطان فيما يلي:
· الإكثار من الاستعاذة بالله الرحمن الرحيم من الشيطان الرجيم؛ امتثالاً لقوله تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ]الأعراف200[,
وعملاً بما جاء في السنة الطاهرة .
· قراءة المعوذتين.
· قراءة آية الكرسي.
· قراءة سورة البقرة, فقد ثبت عن الرسول الكريم أنه قال: ( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً, وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يقربه شيطان ).[10]
· قراءة خاتمة سورة البقرة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه )[11], وفي رواية: ( ... فلا يُقرَأْنَ في بيت ثلاثَ ليال فيقر به شيطان ).
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ "حم " المؤمن, إلى قوله: إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي, ومن قرأها حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح) [12].
· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب, وكتب له مائة حسنة, ومحيت عنه مائة سيئة, وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي )[13].
· الإكثار من ذكر الله عز وجل, ففي حديث طويل صحيح أخرجه الترمذي: ( إن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل ).[14]
· قال أبو بكر رضي الله عنه: [ ذهب الذاكرون بالخير كله ]. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [ الشيطان جاثم على قلب ابن آدم, فإذا سها وغفل وسوس, فإذا ذكر الله تعالى خنس ]. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: [ لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل ], وبهذا لا يغفل القلب ولا يدع للشيطان سبيل الوسوسة إليه, وعلى هذا يحمل قول ابن تيمية رحمه الله: [الذكر للقلب مثل الماء للسمك, فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ], وصدق ابن قيم الجوزية إذ قال: [ الذكر باب المحبة وشارعها الأعظم, وصراطها الأقوم ] وبهذا يصير العبد من أولياء الله تعالى, الذين قال فيهم رب العالمين: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ]يونس62[, وينضوون تحت قول الله سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ]الرعد28[.
· وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: ( بسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي, وأخسئ شيطاني وفك رهاني, واجعلني في الندي الأعلى ) [15].
· كما كان يعوذ الحسن والحسين ويقول: ( إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق: (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامَّة) .
· وكان يأمر صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتعوذ من الشيطان, ففي حديث طويل قال: ( يا أبا ذر تعوذ من شر شياطين الجن والإنس, قال يا نبي الله وهل للإنس شياطين؟قال: نعم، شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً)[16].
فالذكر والدعاء والاستعاذة وقراءة بعض آيات من كتاب الله يتغلب بها المؤمن على الشيطان, فلا يجد إليه سبيلاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن المؤمن لينضي شياطينه - أي بذكر الله – كما ينضي أحدكم بعيره في السفر ) [17].
وفي الحديث أن الشيطان يحب أن يلبس على المسلم أمر دينه, فإذا سمع النداء هرب وولى, فإذا دخل المسلم في صلاته عاد ليلبس عليه أمر دينه.
وأخرج ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ان للوضوء شيطاناً يقال لهولهان فاتقوا وسواس الماء ) [18]. لذا على المسلم أن يستعيذ بالله قبل البسملة, ثم يتوضأ. أويشرع في عبادته.
فاتباع المنهج الإسلامي في التحصن من الشياطين, وفي رقية من مسه شيطان هو الأصل .
ولا يجوز بحال من الأحوال الاستعانة على الشياطين، أو رقية من أصيب بمس بما يقال أو يكتب مما لم يرد في قرآن أو سنة أو مأثور مما فيه شرك, ففيما شرعه الله تعالى ورسوله ما يغني عن ذلك كله, وقد رخص الرسول صلى الله عليه وسلم في الرقى بما لم يكن شركاً, وقال: ( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ). فكتابة الطلاسم والأعداد والأرقام الحسابية, وتعليقها في ثياب الصغار, لم يثبت عن أحد من السلف, وقد لا يكون فيها شرك, ولكنها قد تفضي إليه, فالأورع والأتقى للشبهات ألا يقرأ إلا ما يفهم ويعرف.
وبعضهم يناشد المصروع في حال صرعه ليصحو ويبعد عنه من مسَّه, ولعل هذا مأخوذ من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (سئل عن حيات البيوت، فقال: إذا رأيتم منها شيئاً في مساكنكم فقولوا أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح, أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان أن لا تؤذونا. فإن عُدن فاقتلوهن ) [19].
ولا بد من التوكيد على أنه لا يستطيع أحد أن يسخر الجن في خدمته, أو خدمة غيره, فإن الله تعالى لم يسخر الجن لأحد بعد نبيه سليمان عليه السلام.
وقد يسول لبعض شياطين الإنس السوء, ويتطوع بعض المردة من شياطين الجن بفعل ذلك؛ إفساداً في الأرض لا ائتماراً بأمر ذلك الإنسي.
والحمد لله رب العالمين.
1) آكام المرجان ص 8 .
2) أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي , وإسناده صحيح . صحيح الجامع 3/ 85 .
12) سبأ : 14 .
1) الترمذي حديث (3624) .
2) صحيح مسلم حديث (682) , وسنن الترمذي حديث (3181) .
3) صحيح البخاري حديث (3571).
4) سنن أبي داود حديث (4438) , ومسند أحمد حديث (7719) .
5) الرحمن : بعض الآية : 56 .
7) الرحمن : 26-27 .
[10] ): أخرجه أبو داود (2/218 ، رقم 2042) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (3/491 ، رقم 4162) . وأخرجه أيضًا : أحمد (2/367 ، رقم 8790) .
[11] ): أخرجه أبو داود (2/56 ، رقم 1397) ، والترمذي (5/159 ، رقم 2881) وقال : حسن صحيح . والنسائي فى الكبرى (6/181 ، رقم 10555) ، وابن ماجه (1/436 ، رقم 1369)
[12] ): أخرجه الترمذي (2879) وأخرجه الدارمي (3389) وقَالَ : الترمذي : هذا حديثٌ غريبٌ .
[13] ): متفق عليه.
[14] ): رواه الإمام أحمد والنسائي ابن حبان والحاكم
2) أخرجه أبو داود حديث (4395) .
3) مسند أحمد حديث (1257) .
4) مسند أحمد حديث (8583) .
1) ابن ماجه حديث (415) .
2) سنن أبي داود حديث (4576) .