نص الخطبة المزعومة
وهي خطبة متهافتة ركيكة المبنى فاسدة المعني, قارئها يدرك من خلال الكم الهائل من الأسماء الأجنبية والمعارك والتواريخ .. أنها مركبة في أحد مكاتب مخابرات الاحتلال, ينسبونها ظلما للشريف سيدي محمد الكبير( ) والد الداعية المجاهد سيدي بنعمر التجاني, ألقاها نيابة عنه كما زعموا المدعو حسني أمام بعثة عسكرية عند زيارتها إلى منطقة عين ماضي, حيث ذكر فيها زورا بعض الخدمات التي قدمتها التجانية للفرنسيين, يروج لها بعض المنكرين ممن لا يتورعون عن النهش في أعراض المؤمنين للإساءة إلى الأشراف التجانيين, دون النظر إلى صحة نسبتها أو صحة ما جاء فيها من المعلومات, ومما جاء فيها:
"... إنه من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا مادياً وأدبياً وسياسياً، ولهذا فإني أقول لا على سبيل المنّ والافتخار، ولكن على سبيل الاحتساب والتشرف بالقيام بالواجب: أن أجدادي(1) قد أحسنوا صنعا في انضمامهم إلى فرنسا قبل أن تصل إلى بلادنا وقبل أن تحتل جيوشها الكريمة ديارنا.
ففي سنة 1838 كان جدي سيدي محمد الصغير أظهر شجاعة نادرة في مقاومة أكبر عدو لفرنسا الأمير عبد القادر الجزائري(2)، ومع أن هذا العدو قد حاصر بلدتنا عين ماضي، وشدد عليها الخناق ثمانية أشهر(3)، فإن هذا الحصار انتهى بتسليم فيه شرف لنا نحن المغلوبين، وليس فيه شرف لأعداء فرنسا الغالبين، وذلك أن جدي أبى وامتنع أن يرى وجهاً لأكبر عدو لفرنسا(4)، فلم يقابل الأمير عبد القادر.
وفي سنة 1864 كان عمي سيدي أحمد مهّد السبيل لجنود الدوك دومال، وسهل عليهم السير إلى مدينة بسكرة(5)، وعاونهم على احتلالها.
وفي سنة 1870 حمل سيدي أحمد هذا (6) تشكرات الجزائرين للبقية الباقية من جنود "التيرايور" الذين سلموا من واقعة "ريش-هوفن" وواقعة "ويسانبور"، ولكي يظهر لفرنسا ولاءه الراسخ وإخلاصه المتين، وليزيل الريب وسوء الظن اللذين ربما كانا بقيا في قلب حكومتنا الفرنسية العزيزة برهن على ارتباطه بفرنسا ارتباطاً قلبياً، فتزوج في أمد قريب بالفرنسية الآنسة أوريلي بيكار، وبفضل هذه السيدة تطورت منطقة كوردان هذه ضاحية من ضواحي عين ماضي من أرض صحراوية إلى قصر منيف رائع، ونظراً لمجهودات مدام أوريلي التجاني هذه المادية والسياسية فإن فرنسا الكريمة قد أنعمت عليها بوسام الاحترام من رتبة "جوقة الشرف".
وفي سنة 1881 كان المقدم سي عبد القادر بن حميدة مات شهيداً (7) مع الكولونيل فلاتين حيث كان يعاونه على احتلال بعض النواحي الصحراوية.
وفي سنة 1894 (
طلب منا مسيو جول كوميون والي الجزائر العام يومئذ أن نكتب رسائل توصية، فكتبنا عدة رسائل، وأصدرنا عدة أوامر إلى أحباب طريقتنا في بلاد الهكار (التوارق) والسودان الفرنسي نخبرهم بأن حملة فود ولامي الفرنسة هاجمة على بلادهم، ونأمرهم بألا يقابلوها إلا بالسمع والطاعة، وأن يعاونوها على احتلال تلك البلاد، وعلى نشر العافية فيها!!.
وفي سنة 1906/1907 أرسل المسيو جونار والي الجزائر العام يومئذ ضابطه المترجم مدير الأمور الأهلية بالولاية العامة سيدي مرانت برسالة إلى أبي المأسوف عليه سيدي البشير(9)، فأقام عنده في زاوية كوردان شهراً كاملاً لأداء مهمة سياسية، ولتحرير رسائل وأوامر أمضاها سيدي البشير والدي ثم وجهت إلى كبراء مراكش وأعيانها وزعماء تلك البلاد وجلهم تجانيون من أحباب طريقتنا نبشرهم بالاستعمار الفرنسي، ونأمرهم بأن يتقبلوه بالسمع والطاعة والاستسلام والخضوع التام، وأن يحملوا الأمة على ذلك، وأن يسهلوا على جيوش فرنسا تلك البلاد.
وفي الحرب العالمية الكبرى أرسلنا ووزعنا في سائر (10) أقطار شمال أفريقية منشورات تلغرافية وبريدية استنكار لتدخل الأتراك في الحرب ضد فرنسا الكريمة وضد حلفائها الكرام، وأمرنا أحباب طريقتنا بأن يبقوا على عهد فرنسا وعلى ذمتها ومودتها.
وفي سنة 1913 إجابة لطلب الوالي العام للجزائر أرسلنا بريداً إلى المقدّم الكبير للطريقة التجانية في السنغال سيدي الحاج مالك عثمان ساي نأمره بأن يستعمل نفوذنا الديني الأكبر هناك في السودان لتسهيل مأمورية كلوزيل الوالي العام للجزء الشمالي من إفريقية الغربية.
وفي سنة 1916 إجابة لطلب المريشال ليوتي عميد فرنسا في مراكش كان سيدي علي - صاحب السجادة الرئيس(11) الذي كان قبلي- كتب مئة وثلاث عشرة رسالة توصية، وأرسلها إلى الزعماء الكبار وأعيان المغاربة يأمرهم بإعانة فرنسا في تحصيل مرغوبها وتوسيع نفوذها وذلك بواسطة نفوذهم الديني!...
وفي سنة 1925 في أثناء حرب الريف أرسلت أنا –حبيبنا- المخلص ومريد طريقتنا ومستشارنا المعتبر حسني سي أحمد بن الطالب إلى المغرب الأقصى، فقام بدعاية كبرى واسعة في حدود منطقة الثوار، وتمكن من أخذ عناوين الرؤساء الكبار والأعيان الريفيين وأرباب النفوذ على القبائل الثائرة، وكتبنا إليهم رسائل نأمرهم فيها بالخضوع والاستسلام لفرنسا(12)، وقد أرسلنا هذه الرسائل إلى "مقدّمنا" الأكبر في فاس، فبلغها إلى المبعوث إليهم يداً بيد.
وبالجملة فإن فرنسا ما طلبت من الطائفة التجانية نفوذها الديني إلا وأسرعنا بكل فرح ونشاط بتلبية طلبها وتحقيق رغائبها، وذلك كله لأجل عظمة ورفاهية وفخر حبيبتنا فرنسا "النبيلة".
والله المسؤول أن يخلد وجودها بيننا لنتمتع برضاها الخالد!.
ثم ختم خطبته هذه بالثناء العاطر على الموظفين الفرنسيين وعلى الضباط العسكريين واحداً واحداً، ومدح الوالي العام الحالي ووصفه بأنه "المستعمر الأكبر".
وما إن انتهى الشيخ من خطبته(13) حتى نهض ليوتنان كولونيل سيكوني رئيس البعثة العسكرية وشكر الشيخ وأثنى عليه، ثم قال له: "من كمال مروءتك وإحسانك يا سيدي الشيخ (المرابط) أنك لم تذكر ولا نعمة واحدة من النعم التي غمرتني بها، فأنت الذي أنجيتني من التوارق الملثمين(14)، وأنقذتني من أيديهم... وهكذا جعل الكولونيل يذكر مناقب أخرى للشيخ كثيرة.
المراسل: وسيدي أحمد هذا لما تزوج في سنة 1870 (15) بهذه المرأة الفرنسية، كان أول مسلم جزائري تزوج بأجنبية، وقد أصدرت هي كتاباً فرنسياً في هذه الأيام أسمته "أميرة الرمال"(16) تعني نفسها، وقد ملأته بالمثالب والمطاعن على الزاوية التجانية، وذكرت فيه أن سيدي أحمد هذا إنما تزوجها على يد الكاردينال لافيجري (17) على حسب الطقوس الدينية المسيحية، وذلك لأن قانون الزواج الفرنسي كان دينياً مسيحياً لا مدنياً، ولما توفى عنها سيدي أحمد هذا خلفه عليها وعلى السجادة التجانية أخوه سيدي علي!...(18)
ولما أنعمت فرنسا بوسام الشرف على هذه السيدة منذ أربعة أعوام، قالت الحكومة في تقريرها الرسمي ما نصه: لأن السيدة قد أدارت الزاوية التجانية الكبرى إدارة حسنة كما تحب فرنسا وترضى(19)، ولأنها كسبت للفرنسيين مزارع خصبة ومراعي كثيرة، لولاها (20) ما خرجت من أيدي العرب الجزائريين "التجانيين"، ولأنها ساقت إلينا جنوداً مجندة (21) من "أحباب" هذه الطريقة ومريديها، ويجاهدون في سبيل فرنسا صفّاً كأنهم بينان مرصوص...
واليوم تعيش هذه السيدة في مزرعة لها كبرى في ضواحي مدينة بلعباس عيشة المترفين ذوي الرفعة والنعيم، وهي الآن لم تقطع علاقاتها بالزاوية التجانية، بل لا تزال تسيطر عليها، وتقبض على أزمتها، ومع أن الأحباب التجانيين يتبركون بهذه السيدة ويتمسكون بآثارها ويتيممون لصلواتهم على التراب الذي تمشي عليه (22)، ويسمونها "زوجة السيدين"، فإنها لا تزال مسيحية كاثوليكية (23) إلى هذه الساعة، ومن العجيب أن إحدى وستين سنة قضتها كلها في الإسلام وبين المسلمين من (1870 إلى الآن 1930) لم تغير من مسيحيتها شيئاً، وهذا دليل على ما كانت عليه تكنه في قلبها لهؤلاء "الأحباب" الذين حكموها في رقابهم وأموالهم!!.(24).
ملاحظات على الخطبة المزعومة:
نسجل بعض الملاحظات التي تبين تفاهة هذا النص والأخطاء الجسيمة التي تضمنها, ونترك الحكم عليها للقارئ الكريم:
(1) لفظة أجدادي خاطئة تاريخيا لأنهم ماتوا قبل الاحتلال, أما سيدي محمد الحبيب فقد بينا موقفه المعادي للاحتلال.
(2) سيدي محمد الحبيب كما بينا لم يقاوم الأمير ولم يتعرض له بل الأمير هو الذي هاجم وحاصر عين ماضي.
(3)الحصار دام ستة أشهر وليس ثمانية, من 27 ماي إلى 02 ديسمبر1838.
(4)الثابت عن سيدي محمد الحبيب انه دعا الله أن لا يرى وجه نصراني فحقق الله دعاءه وتوفي بعدها بأيام.
(5)احتلال بسكرة كان سنة 1844 قبل ميلاد سيدي أحمد عمار المذكور.
(6) سيدي أحمد عمار القي عليه القبض في 10/02/1869م اثر معركة أم الدبداب, ومعه مجموعة من المريدين، ثم ألحق به أخوه مولاي محمد البشير, فحُولوا إلى الاغواط ومنها إلى سجن سركاجي بالجزائر بالعاصمة, ثم حولوا معهم علي الربيعي والجيلاني غيبوب إلى إقامة جبرية تحت الحراسة في مدينة "بوردو" الفرنسية، وظلوا هناك إلى غاية نهاية الحرب السبعينية.
(7) حادث وهمي ليس له أي سند تاريخي.
(
كان سيدي أحمد عمار تحت الرقابة العسكرية المشددة ولا يتنقل إلا برخصة من الوالى العام نفسة أو من يفوضة.
(9) في عرف الأسرة التجانية يطلق عليه مولاي محمد البشير.
(10) نشرت فرنسا مع بداية الحرب العالمية الأولى جريدة ضمنتها رسائل تأييد من كل شيوخ الزوايا بالوطن, علق عليها الدكتور سعد الله في "تاريخ الجزائر الثقافي" بأنها كتبت بقلم واحد (أي قلم الاحتلال).
(11) لفظة الرئيس ليست من مصطلحات الطرق الصوفية.
(12) الثابت تاريخا هو رحلة أخيه سيدي محمود التي دامت حولي ستة أشهر إلى شمال المغرب عمل على إصلاح ذات البين وكان من مؤيدي وداعمي ثورة الريف بقيادة المجاهد عبد الكريم الخطابي,انظر "الانتصاف" وكتاب "غاية المقصود بالرحلة مع سيدي محمود" لسكيرج.
(13) وهذا مناقض لما جاء بأن الخطبة ألقيت بالنيابة عنه, وبالنيابة لا تستعمل الا عند غياب المنوب عنه؟, فكيف أنهى الشيخ خطبته.
(14) لم نجد في ترحمة الشيخ انه زار التوارق.
(15) الزواج تم على الطريقة الإسلامية بالجزائر بعد إطلاق سراح سيدي أحمد عمار سنة1871م وهو موثق لدى المفتي الحنفي أحمد بوقندورة مسجل تحت رقم 8030 بتاريخ 20/08/1871م.
(16) لا نعلم أنها ألفت كتابا بهذا الإسم أو غيره, علما بأن مستواها العلمي متواضع, إلا إذا كان عملا نسب إليها؟؟.
(17) ذكرنا سابقا أن الزواج تم على الطريقة الإسلامية, وتم توثيقة بعقد رسمي من طرف المفتي الحنفي أحمد بوقندورة
(18) سيدي علي هو ابن سيدي أحمد عمار, أي أن الإبن تزوج زوجة والده والعياذ بالله, هل يقول هذا عاقل ؟؟.
(19) الطريقة لها خلفاؤها الأكفاء القادرين على القيادة ما يكفي ويغني, فلماذا تقودهم امرأة ومن أصل أجنبي, والمرأة عندنا نحن الجزائريين لا تقود حتى بيتها فضلا عن غيره مما هو من شؤون الرجال.
(20) الإحتلال لم يكن بحاجة إلى أحد كي ينتزع أملاك المواطنين, ثم كيف يؤيد التجانيون سلطة غاشمة تنتزع منهم أملاكهم؟؟.
(21) هلا ذكر بعض أسماء هؤلاء المجاهدين (؟؟) وأين كان جهادهم, أما التجنيد الإجباري فهو موضوع آخر.
(22) التجانيون يعرفون دينهم بما فيها أحكام الطهارة, فلماذا يتيممون بتراب مشت عليه, وهم لم يفعلوا ذلك مع أشرف الناس وأكرم الناس وأعز الناس؛ ساداتهم وشيوخهم أهل الخير والبركة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, أليس هذا هو حديث الخيال المريض.
(23) توفيت السيدة "لالة يمينة" بكردان يوم 28أوت1933 وصلى عليها المسلمون صلاة الجنازة بإمامة سيدي محمود التجاني, ودفنت بمقبرة العائلة مع باقي أموات المسلمين, وقبرها معروف, ولو ماتت مسيحية كما يدعون لما تركتها السلطات الفرنسية وهي في أوج قوتها أن تدفن مع المسلمين.
(24) يلاحظ القارئ في هذا النص أسلوب التبجح بالخيانة, والذي لا يصدر إطلاقا ولو من الخونة والمرتزقين, فضلا عن غيرهم, فهم يحرصون على ستر قبائحهم وإخفاء خياناتهم وإنكارها.
سيدي محمد الكبير يكذّب المفترين
والعارف بالله الشيخ سيدي محمد الكبير لم يعلم بهذه الخطبة وما نسب إليه فيها إلا من رسالة وصلته من سيدي محمد الحافظ المصري يطلب منه فيها توضيحات حول ما نسب إليه من كلام خطير نشرته مجلة الفتح بالقاهرة, فرد إليه يكذب ما نسب إليه وأنه ما قال شيئا مما نشر فلم يخطب تلك الخطبة ولم يحضر ذلك الحفل ولم يشهده ولم يقر بشيء مما ذكروه, وطلب إليه تكذيب نسبتها إليه, وقد فعل وأعلن ذلك سيدي محمد الحافظ وبين أن ما ذكر في الخطبة معلومات غير صحيحة, ونشر التكذيب في جريدة الفتح, كما سنشير أدناه.
العلامة المحدث سيدي محمد الحافظ
شاهد نفي
نشرت هذه الخطبة المزعومة أول مرة مجلة الفتح المصرية سنة 1931م بناء على مراسلة مترجمة من شخص من مدينة الأغواط معروف بفسقه وعلاقاته باليهود نقلا كما زعم عن جريدة "لابريس ليبر" الفرنسية, ثم تناقلها وروج لها المغرضون بعد ذلك, لأن هذه الفرية وافقت هوى في قلوبهم, وقد تكفل بالرد الحاسم وقتها العلامة سيدي محمد الحافظ التجاني المصري( ), في نفس الجريدة (الفتح), وجاءت شهادته هذه في كتابه الإنتصاف نقتطع منها ما يلي:
"استند محب الدين في دعواه إلى خطبة مزعومة سنده فيها جريدة فرنسية تبرع أحد أصدقاء محب الدين بالجزائر لشرحها والزيادة عليها بما أملاه عليه الحقد على قوم يحتقرونه لأنه لا يُرى في مساجد المسلمين ويستطيع محب الدين أن يسأل في مدينة الأغواط عن الثقة به وعن صلته باليهود, وقد قال تعالى (ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا), ولا ندري كيف اتخذ محب الدين الجريدة الفرنسية أستاذا معصوما يجب تصديق روايته, وهذه الرواية مكذوبة من أصلها, وقد كتبت إلى سيدي محمد الكبير في حينها فأرسل إلي قبيل وفاته يكذب أنه قال شيئا من ذلك, فلم يخطب تلك الخطبة, ولم يحضر ذلك الحفل الذي احتفى فيه الفرنسيون وأشياعهم ببعض رجالهم ولم يشهده, ولم يقر شيئا مما ذكروه, ولم يعلم بتفاصيل ما نسب إليه فيها إلا من رسالتي إليه, وطلب إلي تكذيب نسبتها إليه, وقد فعلت وأعلنت ذلك, وبينت أن ما ذكر في الخطبة معلومات غير صحيحة, ونشر التكذيب محب الدين في جريدة الفتح مشكورا, وهب أن أحد أذناب فرنسا المتملقين لهم ألقى تلك الخطبة بإيعاز من المستعمرين لينشروا بين من لا يعرف أساليبهم أن أهل الدين راضون عنهم وخصوصا من هم مشهورون بعدائهم, فأي ذنب للشيخ - أي سيدي محمد الكبير التجاني رحمه الله تعالى- في ذلك ما دام لا يقره وقد ذكرت الجريدة الفرنسية أن الذي ألقاها رجل آخر غير سيدي محمد الكبير رحمه الله تعالى وكان يلقيها بالفرنسية, وإن ادعت أنه كان يلقيها باسمه فقد تبرأ سيدي محمد الكبير من إقرار ذلك بنفسه, وأنابني في إعلام ذلك, وقد أعلناه بالفعل, والاعتراض عليه بأنه لم يكتب للجريدة الفرنسية تكذيبا لها مردود لأنه لم يعرف ذلك إلا منا والمعروف عنه أنه لا يهتم بتلك الشؤون ولا يعنى بها, وحال الشيوخ المتفرغين للعبادة والبعد عن هذه الأمور معروف مشهور, وخصوصا أهل الصحراء, ومن شأن المستعمرين أن يختلقوا أقوالا وينسبوها لزعماء المسلين لكي يضموا المسلمين إلى جانبهم من طريق الكذب على زعمائهم".
نقلا عن كتاب "دليل الحائر صور ومواقف من جهاد التجانيين في الجزائر"