رياح شرقية..

رؤية بقلم : سعيد أبو عمر

من المفاهيم الخاطئة في أذهان المثقفين والعامة على السواء ،ماورد في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام - ...لا تتفق أمتي على ضلالة ...ان غاية ما يمكن قوله في هذا الحديث ، أن الضلالة هنا تعني المروق عن الدين ومخالفة ما جاء به عليه السلام من محجة بيضاء ليلها كنهارها ، لكن الخلل في فهم هذا الحديث هو أن الاتفاق يقصد به الادراك اليقيني بصحة الناقل المعصوم ، فلا أحد ينكر ذلك ولو كان عاصيا بيّن المعصية ،فالكل يقرّ بالشهادتين ، بل أن جمهور الامة كله يوافق هذا ..لذلك فلا ينخدع أحد بما يروّج عن الفئة الناجية ، التي صّدعت رؤوسنا بمسألة التوحيد وأنواعه،والسخرية ممن حملوا را ية الاسلام في أحلك الايام ،وشهد لهم القاصي والداني بالورع والاستقامة والذبّ عن حياض الاسلام، ومنهم العلامة النحرير جلال الدين السيوطي الشافعي رحمه الله الذي أحصت له دارالكتب المصرية أكثر من سبعمائة مؤلف في شتى العلوم ، ومعارف اللغة وأسرارها ، وقد عاش الجلال طول حياته بعيدا عن قصور الملوك وعطاياهم متعففا مترفعا، لا يسأل الناس الحافا،بل ويرد هدايا السلطان المملوكي الثمينة ولا يخشى بطشه ،فأين هذا الذي هو خير ممن يلعقون أقدام الملوك ، ويتفيأون ظلال قصورهم ودورهم العامرة بـ...شتان ما بين الثرى والثريا ...قيل لمالك بن دينار رضي الله عنه يا زاهد ...قال والله ما انا بزاهد وانما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي جاءته الدنيا صاغرة فركلها...
السيوطي رحمه الله هو صاحب : المزهر في اللغة ،بغية الوعاة ،تفسير القرآن، تذكرة الحفاظ ،الحاوي للفتاوي ...ومئات من الروائع ...التي لاتنتهي ...أم كيف نستبدل نحن في الجزائر الشيخ أحمد التجاني الحسني،وبوعمامة ،وبوبغلة ،والورتلاني ، ومحمد بن الشاهد ، والمقرّي ،والشيخ اطفيّش ،محمد العيد آل خليفة وابو مدين شعيب،والبجائي وسيدي عبد الرحمن الثعالبي..ولا لا فاطمة نسومرالمجاهدة التي دوّخت راندون ...والحق ما شهدت به الاعداء ...هل كانوا هؤلاء على ضلال ...هل هؤلاء غير موحدين؟ لا حول ولا قوة الا بالله...لم نعد نسمع في الفضائيات ذكر للبخاري ومسلم ،وابن عساكر وابن حجر العسقلاني وابن حبّان والنسائي ...هؤلاء المخرجون - بتحفظ - تجاوزهم الزمن او انتهى دورهم او لاادري ماذا أقول ..ربما تشعر أحيانا انهم أخطأوا والعياذ بالله ..لأن من علماء القرن العشرين الذين بشر النبي عليه السلام انهم دعاة على أبواب جهنم .. من اكتشف عثرات هؤلاء فصححها وانقذ الامة من خطر الانحراف عن الجادة ،فلذلك لا يخجل البعض منا حين يقول هذاالحديث صححه فلان ..ومن هو فلان هذا حتى يصحح للبخاري... المهم بالعودة الى ما قلنا في بداية حديثنا..أن عدم اتفاق الامة على الضلالة لا يعني توافق السواد على المحجة البيضاء ،بل بالعكس فالناجون هم القلة التي تمسك على الجمر و ليس بالضرورة أن يكون هذا الطرف أو ذاك ، وصدق حبيبي وقرة عيني رسول الله حين قال : جاء الاسلام غريبا ويرحل غريبا فطوبى للغرباء أو كما قال...انها يا أخي رياح أجارنا الله من شرها وشر ما جبلت له...